أبو عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) “أمين الأمة”
عامر بن عبدالله بن الجراح بن هلال بن وهيب بن ضبة بن الحارث بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كنانة.
أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الخمسة الذين أسلموا في يومٍ واحد على يد أبي بكر الصديق ، والأربعة هم : عثمان بن مظعون، وعيينة بن الحارث، وعبدالرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبدالأسد،
آخى رسول الله بينه وبين سعد بن معاذ، ، وقد شهد بدرًا والمشاهد كلها، وثبت مع رسول الله يوم أُحُد، ونزَع يومئذٍ بفيه الحلقتينِ اللتينِ دخلتا في وجنَتَي النبي من حلق المِغْفَر، فوقعت ثنيتاه، فكان من أحسن الناس هتمًا. [1].
مواقفه مع الرسول
غزوة سيف البحر:
عن جابر بن عبدالله أنه قال: “بعث رسول الله بعثًا قِبَل الساحل، وأمَّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فَنِي الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش، فجُمِع فكان مِزْوَدَي تمرٍ، فكان يقوتُنا كل يوم قليلاً قليلاً حتى فَنِي فلم يكن يصيبُنا إلا تمرة تمرة، فقلت: ما تغني عنكم تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فَقْدَها حين فَنِيت، ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوتٌ مثل الظَّرِب، فأكل منها القوم ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعينِ من أضلاعه فنُصِبَا، ثم أمر براحلةٍ فرُحلت ثم مرَّت تحتهما فلم تُصِبْهما”[2].
عن ابن أبي مليكة، سمعتُ عائشة، وسئلت: “مَن كان رسول الله مستخلفًا لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح”، ثم انتهت إلى هذا[3].
عن عبدالرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله : ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبدالرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة)).[4].
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((نِعْم الرجل أبو بكر، نِعْم الرجل عمر، نِعْم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نِعْم الرجل أُسَيد بن حُضَير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح)).[5].
مواقف من حياته
غزوة بدر وأحد:
وقد شهِد أبو عبيدة بدرًا، فقَتَل يومئذٍ أباه، وأبلى يوم أُحُد بلاءً حسنًا، ونزع يومئذٍ الحلقتينِ اللتين دخَلتا من المِغْفَر في وَجْنَة رسول الله من ضربة أصابته، فانقلعت ثنيتاه، فحسن ثغرُه بذَهابِهما، حتى قيل: ما رُئي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة.
روى الطبراني أن عمر بن الخطاب أخذ أربعمائة دينار، فجعلها في صرَّة، فقال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم ابقَ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجاتك، فقال: وصَله الله ورحِمه، ثم قال: تعالي أنت يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسُرَّ بذلك.
قال رسول الله :
“ إنَّ لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ”
وروى البخاري عن أنس، وابن عساكر عن أبي بكر الصديق وابن أبي شيبة عن أبي قلابة، والإمام أحمد عن عمر أن رسول الله قال: ((إنَّ لكل أمة أمينًا، وإن أمين هذه الأمة – وفي لفظ: وإن أمينك أيتها الأمة، وفي لفظ: لكل نبي أمين، وأميني – أبو عبيدة بن الجراح)).
وروى الحاكم عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله : ((يا أبا عبيدة، لا تأمن على أحد بعدي)).
وروى الشيخان عن حذيفة قال: جاء أهل نجران إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله، ابعث إلينا رجلاً أمينًا، فقال: لأبعثنَّ إليكم رجلاً أمينًا حقَّ أمين، قال: فاستشرف لها الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجرَّاح. [6]
وفاته :
كتب أمير المؤمنين عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح حيث سمِع بالطاعون الذي أخذ الناس بالشام: إني بَدَت لي حاجة إليك فلا غنى بي عنك فيها، فإن أتاك كتابي ليلاً فإني أعزم عليك أن تصبح حتى تركب إليَّ، وإن أتاك نهارًا فإني أعزم عليك أن تمسي حتى تركب إليَّ، فقال أبو عبيدة: قد علمت حاجة أمير المؤمنين التي عرضت، وإنه يريد أن يستبقي مَن ليس بباقٍ، فكتب إليه: إني في جند من المسلمين لن أرغب بنفسي عنهم، وإني قد علمت حاجتك التي عرضت لك، وإنك تستبقي مَن ليس بباقٍ، فإذا أتاك كتابي هذا فحلِّلني من عزمك، وائذن لي في الجلوس، فلما قرأ عمر كتابه فاضت عيناه وبكى، فقال له من عنده: يا أمير المؤمنين مات أبو عبيدة، قال: لا، وكان قد كتب إليه عمر: إن الأردنَّ أرض وبية عمقة، وإن الجابية أرض نزهة فَاظْهَر بالمهاجرين إليها، فقال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب: أما هذا، فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين ونطيعه، فأمرني أن أركب وأبوِّئ الناس منازلهم، فطُعِنت امرأتي، فجئت أبا عبيدة فأخبرته فانطلق أبو عبيدة يبوِّئ الناس منازلهم فطُعِن فتوفي ودفن في قرية صغيرة، تحمل اسمه في منطقة الغور في الأردن، وكان عمره (58) عامًا. [7].
المراجع:
[1] التنبيه والإشراف (1 / 217).
[2] صحيح البخاري (5 / 166).
[3] صحيح مسلم (4 / 1856)، حكم الألباني: صحيح، وقال الترمذي (هذا حديث حسن صحيح).
[4] سنن الترمذي ت شاكر (5 / 647).
[5] سنن الترمذي ت شاكر (5 / 666).
[6] فقرة “مواقف من حياته” من سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (11 / 323)”
[7] تاريخ دمشق (25/483)
- سيعجبك أيضاً