فقه التنمية

لقد كان الإسلام و لا يزال دعوة حضارية  {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وقال تعالى ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ ، وقد ضمت هذه الدعوة بين جناحيها منهجية استراتيجية للتنمية على مستوى الفرد و الجماعة وبكافة الأدوات الفردية و المؤسسية لتحقيق عمارة الأرض للناس كافة، وأعاد هذا المشروع بناء الشخصية الانسانية على نحو مبدع فقد حول الإنسان من الأنانية والفردية إلى التضامن الجماعي ومن المادية الى الايمانية ، وجعله ضمن عمل مؤسسي وكيانات تشاركية لكافة مكونات المجتمع مسلمين او غيرهم فقال ﷺ (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ تعالى أنفعُهم للناسِ) للناس كافة  .[1]

و تلخصت غاية المشروع الحضاري ورؤيته القيمية في قوله ﷺ لوفود قريش أوائل الدعوة المكية  (ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكنَّ الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل عليَّ كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله، حتى يحكم الله بيني وبينكم)  .[2]

ومن ثم عمد الى بناء وتأسيس مؤشرات التنمية للمجتمع فقال ﷺ “مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها”[3] ببلاغة وعمق اجمل مؤشرات التنمية اليوم لدى العالم وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة وهي الأمن والصحة والغذاء.

وتعمقت في المجتمع مفاهيم وأدوات التنمية المستدامة ثقافة ومنهجية ،قال ﷺ  (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل) [4]سواء بقيامته الصغرى (الموت) او الكبرى لنهاية الخليقة فعلى الإنسان أن يستمر بالبناء والتنمية على كافة المستويات.

إنه فقه التنمية عمارة للدين والدنيا، صلى الله عليه وسلم سيد الفقهاء وإمامهم.

المراجع:

1-السلسلة الصحيحة /906
2-السيرة النبوية لابن هشام /286
3-السلسلة الصحيحة /2318
4-الأدب المفرد/371