سيف الله المسلول
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن كعب، يكنى بأبي سليمان، أمُّه عصماء بنت الحارث بن حزن الهلالية – رضي الله عنها – يقال لها: لبابة الصغرى، ولد خالد بن الوليد بمكة المكرمة، ولم تكن العرب تهتمُّ بتحديد المولد، إلا أننا يمكن أن نقدر ميلاده من خلال معرفة سنِّه حين وفاته، حيث قدِّر عمْر خالد حين وفاته بـ (60) سنة، وبالتالي يمكن أن نقول: إن خالدًا ولد قبل الهجرة بـ (40) سنة؛ أي سنة 580 م تقريبا [1].
اما عن زواجه فقد عُرف لخالد – رضي الله عنه – عددٌ من الزوجات عبر مراحل حياته المختلفة، وقد رصدتْ لنا الرواياتُ التاريخية بعض الأخبار عن تلك الزوجات، فمن زوجات خالد كبشةُ بنت هوذة بن أبي عمر من ولد رزاح بن ربيعة، وقد ولدت له سليمان بن خالد ومن زوجاته ايضا أم تميم الثقفية، وقد ولدت له ابنًا سماه عبدالله، وهو عبدالله الثاني الذي سمي على الأول بعد موته [2].
اسلامه
كان اخوه الوليد ابن الوليد رضي الله عنه سبب في اسلام خالد – فقد أُسرالوليد في غزوة بدر مشركًا، وبعد فدائه أسلم وحسُن إسلامه، فضيَّقتْ عليه قريش وحبستْه مع أمِّه التي أسلمتْ معه، كان الوليد يكاتب خالد قبل إسلامه، ويلفت نظره إلى الإسلام [3]. وكان مما كتبه و نقله الوليد الي خالد أن الرسول قال في عمرة القضاء: ((أين خالد؟))، فقلت: يأتي به الله، فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((ما مثل خالد جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجدَّه على العدو، لكان خيرًا له، ولقدَّمناه على غيره ))[4].
ويقول خالد بن الوليد رضي الله عنه الرواية التي نقلت عنه عن اسلامه: “عمدت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلقيني أخي، فقال أسرع؛ فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينتظرك، فأسرعت المشي فطلعت، فما زال يتبسم لي – صلى الله عليه وسلم – حتى وقفت عليه، وسلَّمت عليه بالنبوة، فردَّ عليَّ السلام بوجهٍ طلق، فقلت: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً، رجوتُ أن لا يسلمك إلاَّ إلى خير))، قلت: يا رسول الله، قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معاندًا عن الحق، فادعُ الله يغفر لي، فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((الإسلام يجبُّ ما كان قبله))، قلت: يا رسول الله على ذلك، فقال: ((اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك)) [5].
مواقف من حياته – رضي الله عنه – مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم رواي الترمذي من حديث الفضل بن العباس – رضي الله عنه – قال: “دخلت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنا وخالد بن الوليد على ميمونة، فجاءتْنا بإناء فيه لبن، فشرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنا على يمينه، وخالد على شماله، فقال لي: الشربة لك، فإن شئتَ آثرت بها خالدًا، فقلت: ما كنت أوثر على سؤرك [6] وقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – حَسَنَ الظن بخالد بن الوليد، فقد روى البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: “أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالصدقة، فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، وعباس بن عبدالمطلب، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله ورسوله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، وأما العباس بن عبدالمطلب، فعم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهي عليه صدقة ومثلها معها )) [7] ومع حسن تعامُل الرسول – صلى الله عليه وسلم – مع خالد بن الوليد، فقد كان يؤدِّبه ويوجِّهه عند الحاجة، ويذكِّره بفضل الصحابة الذين سبقوه في الإسلام، فقد روى مسلم: “أنه كان بين خالد بن الوليد وبين عبدالرحمن بن عوف شيء، فسبَّه خالد، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسبوا أحدًا من أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا، ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)) [8]
كما أثنى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على خالد بن الوليد فيما رواه الترمذي، الذي وضع بابًا خاصًّا في مناقب خالد بن الوليد – رضي الله عنه – روى فيه عن أبي هريرة قال: “نزلنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منزلاً، فجعل الناس يمرُّون، فيقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((من هذا يا أبا هريرة؟))، فأقول: فلان، فيقول: ((نِعْمَ عبدُ الله هذا))، ويقول: ((من هذا؟))، فأقول: فلان، فيقول: ((بئس عبدُ الله هذا))، حتى مرَّ خالدُ بن الوليد، فقال: ((من هذا؟))، فقلت: هذا خالد بن الوليد، فقال: ((نعم عبدالله خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله )) [9]
مواقف من حياة خالد بن الوليد – رضي الله عنه
غزوه حنين
شارك خالد بن الوليد – رضي الله عنه – في غزوة حُنين، وأبلى فيها بلاء حسنًا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبقية أصحابه، وأصيب في هذه الغزوة ببعض الجراح، فأخذ النبي – صلى الله عليه وسلم – يبحث عنه، ففي رواية لأبي داود: “عن عبدالرحمن بن أزهر قال: كأني أنظر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الآن وهو في الرحال يلتمس رحل خالد بن الوليد”. وقد وضع البخاري في صحيحه بابًا سماه: باب بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – خالد بن الوليد إلى بني جذيمة[10]،
بعثه بني جذيمه
وقد وضع البخاري في صحيحه باب سماه باب بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – خالد بن الوليد إلى بني جذيمة وروى “عن سالم عن أبيه، قال: بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يُحسِنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيرَه، حتى إذا كان يومٌ أمر خالد أن يقتل كلُّ رجلٍ منا أسيرَه، فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي – صلى الله عليه وسلم – فذكرناه، فرفع النبي – صلى الله عليه وسلم – يده فقال: ((اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد)) مرتين [11]
حروب الرده
كان خالد اهم امراء ابي بكر الصديق واهم قادته و استعمله في حرب المرتدين، وفي أول فتوحه في العراق، كما وجهه إلى الشام قبيل اليرموك، وقد كانت علاقة خالد بالصديق علاقة إمام للمسلمين وخليفة بقواده، يحترمهم ويقدرهم، ويحترم آراءهم، وعلى الرغم من وجود خلاف في وجهات النظر دعت الصديقَ – رضي الله عنه – إلى توجيه خالد وتقويمه احيانا [12] وفاته
من الثابت أن خالد بن الوليد – رضي الله عنه – توفي سنة إحدى وعشرين للهجرة، وكانت وفاته في حمص، وبها دُفن، وقد وردت روايات أخرى ضعيفة وواهية تفيد بوفاته في المدينة، وقد ناقشها العلماء، وردُّوا عليها وأنكروها[13].
المراجع
الذهبي، “سير أعلام النبلاء”، ج1/ 367.1
الزبيري، “نسب قريش”، 327.2
3 المرجع السابق ، 325
ابن عساكر، “تاريخ دمشق”، 5/537.4
5 المرجع السابق “، 5/538
الترمذي، سننه (كتاب الدعوات، ما يقول إذا أكل طعامًا)، 5/ 506.6 رواه مسلم، كتاب الزكاة (باب في تقديم الزكاة)، ج3/68.7
مسلم، كتاب فضائل الصحابة (باب تحريم سب الصحابة)، ج3/6.8
الترمذي، ج5/688.9
البخاري، صحيحه، ج5/107.10- 11
ابن العديم، “بغية الطلب”، ج7/3123.12ابن كثير، “البداية والنهاية”، ج7/